26.3.08

كانت هنا منذ دقائق
لملمت أغراضها الصغيرة فى شنطتها السوداء وارتدت بنطلونها الجينز وبلوزتها السوداء والكاب وفى خلال نصف ساعه كانت مستعدة للرحيل
كانت تغمرها الفرحة والإثارة لأنها ستحضر غدا حفلة لمحمد منير مطربها المفضل
كانت تغنى وترقص فى كل مكان فى الشقة وأنا كنت اراقبها من مكانى ..اخشى ان تنزلق دمعة من عينى فتفسد عليها فرحتها
لكنها فلتت ..فحضنتنى وكأنها المرة الأخيرة
هى الآن غادرت ..حقا لقد غادرت
راقبتها من البلكونة وهى تخطو مبتعدة حتى غابت عن نظرى
حينها فقط أدركت انها لم تعد موجودة
أنها فعلا غادرت
أنى سأدخل الشقة فلا أجدها
لا أعلم متى سأراها مجددا
رجعت إلى غرفتى بخطوات متثاقلة ..
مازال كوب النيسكافية الذى لم تشرب منه إلا نصفه ساخنا
كدموعى التى انهمرت
كشلال ساخن يحرق وجهى من فرط حرارته
ويفتر عند ذقنى ماءه القديم
لينهمر آخر أكثر طذاجه وسخونة
مازال منديلها حيث كانت تخفف الروج على طرابيزتى
وجيتارى حيث كانت تلهو به بالأمس
مازال فى ركن الغرفه حيث تركته أصابعها
وأنا حيث تركتنى
ارشف رشفة من كوبها فأجزع من ثلاث ملاعق السكر التى تضعهم فيه فاتذكر نظرة الغيظ التى كانت ترمقنى بها كلما فعلت ذلك وتقول لى فى كل مرة انها لن تتركنى اتذوق كوبها مرة أخرى
فاضحك
وابكى
لانها فعلا غادرت
هى الان فى طريقها لابعد مكان عنى
وانا فى مكانى انتظر عودتها مجددا
استرجع تفاصيل كل الايام الماضيه التى شاركتنى فيهااجمل انسانه فى العالم
حتى اللحظات التى كنا نشعر فيها بالملل اصبحت الان غير متاحه
هى غادرت فعلا
او انها ستعود من اجلى
تذكرت اغنيه على الحجار فى بداية مسلسل حيث كنا نقلب قنوات التليفزيون فاستوقفتنا الاغنيه وهو يقول"ليه يازمن مسيبتناش ابريا.. ماشين طريق ممنوش رجوع "وكانت تغنى معه فى انسجام وانا شردت للحظه مع كلمات الاغنيه فى لحظة شجن فلمحتنى وراحت تدغدغنى حتى انسى حزنى
والآن بعد رحيلها لا استطيع إلا أن أعيش ذلك الحزن واتجرعه
وتذكرت كلمات نور الشريف(عليش) فى فيلم دم الغزال "كانت الشمس بتشرق لما بتفتح شباكها"وتذكرتها فى آخر لحظة لها معى وأنا أنظر لها فى حزن
قالت لى فى حنان"مالك"قلت لها "الدنيا بتغيم"لم أكن أريدها أن تعلم مدى حزنى لرحيلها حتى تستمر فى سعادتها ورحت أقول لنفسى أن السماء تشاركنى حزنى وغروب شمسى
وتعاود دموعى فى الامتزاج مع وجهى بحرارة يكاد يتصاعد منها البخار
ومرارة فراقهافى صدرى ممزوجة بدخان سجائرى
وعينى لاتقع إلا على الاغراض التى استخدمتها قبل رحيلها
وهى
بشعرها الطويل الناعم وعينيها الساحرتين
كلوحة ابدع فى صنعها فنان فجعل كل تفاصيلها الدقيقة مثال للجمال والسحر
وبشرتها الرقيقة كبشرة الاطفال
وجسدها النحيف كطفلة متمردة على الطعام
مازال الكون يزداد سوادا كلما فارقتنى
ومازلت لا أعلم لماذا لا تعيش معى اختى واحب انسانه الى قلبى
ومازالت كلمات ميلان كونديرا فى كيانى
لابد للموتى القدام ان يتركو المكان للموتى الجدد
المرأه العجوز خشيت ان تقبل الرجل ذو الخمسة والثلاثين عاما حتى لايقع طاقم اسنانها
تلك المرأه التى كانت بالنسبة له منذ خمسة عشر عاما حلم صعب المنال هى الان بين يديه
عجوز ذابله
مجعدة الملامح
مستعدة للتعرى امامه فى الضوء وهو لايشعر تجاهها إلا بالاشمئزازوالنفور
...كان هذا آخر ما تناقشنا قبل سفرها

16.3.08

ووجدت كل ذره فى كيانى تصرخ من الكره..
كرهتك ياامرأة .....قالوا عنكى أنك الأم
ولم اجد أنا منكى أى لمحة من ملامح تلك الأمومة المزعومة..
كرهت ذلك الرجل..الذى كان يزورنا فى الصغر وقلتوا لى أن أقول له (بابا)فوجدتنى أقولها فى استحياء ورأسى فى الأرض وكأننى أختلسها..
والآن ذلك الرجل الذى يلهث وراء تاء التأنيث فى اى زمان ومكان..
نعم إنه هذا ال(بابا)كما قلتوا لى ..هو نفسه
من يتفنن فى تحويل حياتى إلى جحيم..
من يستمتع بتدميرها بمنتهى السادية واللذة..
هو من علمنى كيف أكره
كيف أكره..ظلم
قسوة..
قهر..
ذل
كيف أكره نساء العالم
وكيف أحب أمرأة وأنا لا أدرى إن كانت مارست الجنس مع أبى أم ليس بعد..
هو يكرهنى لأنى بنت السيدة التى يكره
أو لأنى أبنته ولا يستطيع ممارسة الجنس معى
تخيلت ذات يوم أن لى أم ملاك..وان هذه السيدة وهذا الرجل ليسوا إلا شياطين وأمى الملاك تأتى لى فى أحلامىوتبكى لأجلى ..وتنظر لى فى حنان وأنا أبكى ورحت اتخيلها واكتب لها ..ولكنى لم أجرؤ يوما على تخيل أب..
أو حتى أن أحلم أن يكون لى أب ...
لأنى لم أعرف فى حياتى كيف يكون الأب..
علمتنى ياوالدى كيف يكون اليتم..
كيف يكون الخوف..
كيف هو الكره..
الكره من الأعماق..